قد لا تكون العلاقة الحميمة الهدف الأساسي من الإقدام على خطوة الزواج، ولكنها من دون شك أحد أعمدة بنيته الصحيحة. العلاقة الحميمة هي بالإضافة إلى دورها في تأسيس أسرة ناجحة، تعزز مشاعر الائتلاف وتعمق أواصر الود بين الزوجين. وفي ظل غياب هذه العلاقة، تضحى مؤسسة الزواج في حالة عجز حرجة، قد تصل إلى اليأس المدمر، وقد يؤخر شللها التام بعض من حب صامت يصارع مرارة الواقع.
اليوم سنسلط الضوء من موقع نظرة حول العالم على أهم الأسباب التي تختبئ وراء فشل الزوجين في الاتصال جسديا، والبحث في وسائل العلاج المتوفرة لحل هذه المشكلة.
غياب العلاقة الحميمة لأكثر من 6 أشهر خطر يهدد الزواج
إن غياب العلاقة الحميمة بين الزوجين يعني وجود زواج غير مكتمل. وفي علم النفس، يحتاج الاختصاصيون إلى مرور ما لا يقل عن ستة أشهر على غياب الاتصال الجسدي بين الزوجين، حتى يتمكنوا من تشخيص المشكلة.
تشكل بعض المشكلات كالخجل والخوف وعدم التمتع بالخبرة الكافية أو الوعي العاطفي والجسدي سببا في هذا الفتور والشرخ. وما يجدر الإشارة إليه، هو أن هذه الأسباب وغيرها لا يمكن تصنيفها ضمن فئة واحدة جسدية أو نفسية، لأنها عامل جسدي- نفسي (psychosomatic) أي متعلق بالنفس والجسم معا.
فقدان الشعور بالرغبة!
يمكن للزوجين أن يأخذا مسافتهما على الصعيد الحميمي كما العاطفي. فلدى معظم السيدات، يكون هذا الابتعاد تكتيكا دفاعيا، فهن يبتعدن لأن شروط الحب لم تعد حاضرة. لو قبل الأزواج بالاستماع لهن ومناقشة الأمر لبات الأمر سهلا.
ولكن من الصعب جدا شرح الأمر لرجل لا يريد الاستماع، لكن المحاولة واجبة بكل الأحوال. فإن النشاط الجنسي يختلف لدى النساء عن الرجال، فرغبة المرأة الجنسية ليست عبارة عن رد فعل، بل تكون حساسة تجاه ظروف العلاقة ونوايا الشريك. لذا، فعلى المرأة أن تحس أنها محبوبة من أجل أن تثار رغبتها.
أسباب إنقطاع العلاقة الحميمة بين الزوجين
تبقى المشكلة واحدة ولكن الأسباب كثيرة وعديدة، نلخصها لكم لكي تحذروا منها:
- تأثير بعض الأدوية والتي تستخدم لعلاج بعض الأمراض، سواء العضوية مثل أدوية تخفيض دهون الدم، أو الأدوية النفسية مثل بعض أنواع من مضادات أو معالجات الاكتئاب، وهو ما يفقد أحد الشريكين الرغبة بالعلاقة الحميمة.
- عدم القدرة على النوم وحدوث الأرق والإرهاق الجسدي إضافة الى إضطرابات النوم أو انقطاع التنفس أثناء النوم، ما يؤدي الى اضطراب في الرغبة بالعلاقة الحميمة.
- نقص في مستوى الهرمونات في الجسم، وخاصة هرمون التستوسيترون، والذي ينتج عنه بعض الأعراض مثل تضخم الثدي وقلة الشعر في الوجه والجسم عموما، لذلك يجب في هذه الحالة القيام بالفحوصات المخبرية اللازمة لمعرفة مستويات هذه الهرمونات، مع قياس هرمون الغدة الدرقية أيضاً لأن في حالة انخفاضه الشديد تتأثر العلاقة الحميمة بذلك.
- وجود خلافات عميقة بين الزوجين إضافة الى الضغط النفسي ووجود مشكلات نفسية عميقة تحتاج إلى العلاج المتخصص، وفي هذه الحالة يجب على الزوجين أن يخضعا للعلاج السلوكي للمساعدة على التخلص من الشعور السلبي تجاه الشريك.
- من المشاكل التي قد تواجه الزوجين وتؤدي الى فتور العلاقة هو أن بعض الأزواج يميلون إلى ممارسة الإثارة الذاتية، أو ما يعرف بالعادة السرية كبديل عن العلاقة الحميمة، وخاصة إذا ما كانت هناك بعض الأمور المتعلقة بالتعليقات حتى لو لم تكن مقصودة من قبل الزوجة، ما يجعله ينفر من الممارسة المشتركة.
معالجة إنقطاع العلاقة من خلال إختصاصي نفسي
الزواج غير المكتمل ناتج عن بعض المشكلات الجسدية- النفسية، التي يعاني منها أحد الزوجين أو كلاهما. وانطلاقا من هنا، تكون الاستعانة باختصاصي في علم النفس أمرا ضروريا، وذلك أولا للبحث في العوامل التي تسببت بهذا الوضع، وثانيا لإيجاد الحل المناسب. ويستدعي العلاج خضوع الزوجين إلى جلسات ثنائية، لا يتعدى عددها الخمس عشرة جلسة.
ونظرا لحساسية الوضع ودقته، يكون من الصعب جدا على الزوجين طرح الموضوع أمام الأهل والأصدقاء. ناهيك عن أن مناقشة هذه المشكلة مع أشخاص لا يملكون القدر الكافي من الخبرة والمعلومات المتعلقة بحالات مماثلة، لن يساهم بحلها، بل على العكس سيزيدها تعقيدا.
دور الحب في تخطي الأزمة
على عكس ما يعتقد البعض فإن غياب العلاقة الجسدية بين الزوجين قد يخفف من وهج الحب، ولكنه لا يطفئه. فالمشاعر بين الزوجين موجودة، وهي قد تترجم أحيانا ببعض العبارات العاطفية واللمسات الحنونة، حتى وإن لم تكمل طريقها نحو العلاقة الحميمة. وهذه المشاعر والأحاسيس المرهفة التي يتبادلها الطرفان، تساعدهما كثيرا على تحمل أعباء الموقف الذي يمران به، وعلى تخطي الأزمات، وأستمرار زااجهما بالرغم من كل المصاعب والعوائق التي تواجههما.
وغالبا ما يكون الحب المدفون هو الوسيلة لإعادة ربط الجسور بين الطرفين وإيقاظ المشاعر التي كانت نائمة. فالحب قادر على إحياء زواج دفن لسنوات وذلك من خلال كلمات نابعة من القلب وتصرفات حقيقية مجردة من التصنع والخوف والتردد.